في النّظر لمعنى الحب الحقيقي يمنحنا سادغورو عملية قوية لدفع الحب أبعد من الكلمات وجعله صفة داخلية ثابتة.

ساد غورو: التعبير النكليزي " الوقوع في الحب" هو تعبير له دلالة لأن لا أحد يرتفع في الحب أو يتسلق فيه. إنّك تقع في الحبّ لأنَّ شيئًا مما هو أنت يجب أنْ يزول. فإذا لم تنهار كلّك فجزءٌ من شخصك على الأقل يجب أن ينهار. وعندئذ فقط تكون هناك علاقة حبّ. تكون مستعدًّا لتحطيم القليل من شخصك من أجل الغير. وهذا يعني أساسًا أنَّ شخصًا آخرَ قد أصبح أهمّ من شخصك بكثير.

 

الحبّ ليس منحى يفيد الطرفين.

للأسف ما يُسمِّيه معظم النّاس حبًّا ليس إلّا منحى مفيداً للطرفين.

في أحد الأيّام ذهب رجل يُدعى شانكاران بيلاي إلى المنتزه. كانت هناك فتاة جميلة جالسة على مقعد حجري. ذهب وجلس بالقرب منها. وبعد بضعة دقائق اقترب منها قليلاً لكنّها ابتعدت عنه . ومرة أخرى انتظر بضعة دقائق واقترب منها بوصات قليلة. لكنّها ابتعدت عنه. ومرة اخرى أنتظر قليلاً ثم اقترب منها أكثر من قبل. لكنّها عندئذ ابتعدت عنه وجلست في آخر المقعد. ثمّ رفع يديه ووضعهما عليها لكنّها صدّته. جلس لفترة وجيزة في مكانه ومن ثم ركع على ركبتيه وقطع زهرة وقدمها إليها قائلاً "أحبك. أحبك كما لو أنّني لم أحب أحدًا في حياتي".

فذابت الفتاة. وتولّت الطبيعة الأمر وتواصل الرّجل والفتاة . ومضى الوقت حتّى أصبح متأخرًا في المساء. ونهض شانكاران بيلاي قائلاً "عليّ أنْ أذهب. الساعة الآن الثامنة. زوجتي في انتظاري"

قالت: "ماذا؟ إنّك ذاهب الآن؟ لكنّك للتوّ قلت لي أنّك تحبّني "

"نعم ولكن آن الآوان. عليّ أنْ أذهب"

إنَّك إذا إستطعت أنْ تنظر إلى كلّ شيء بحبّ فإنّ العالم بأسره يُصبح جميلاَ في تجربتك. وتدرك أنَّ الحبّ ّهو ليس شيئًا تفعله: الحبّ هو طبيعتك.

بصفة عامة إنّنا وضعنا العلاقات في أطر مريحة ومفيدة لنا. فالنّاس لهم احتياجات جسديّة و نفسيّة وعاطفيّة وماليّة أو إجتماعيّة . وأحد أفضل الطرق هي استخدام كلمة " أحبّك" وهذا الحبّ أصبح شبيهًا بال"مانترا": إفتح يا سمسم. إنك تحاول أنْ تحصل على ما تريده من خلال هذه الكلمة.

إنّ ما يحملنا على القيام بأيّ فعل هو رغبتنا في تلبية إحتياجات معيّنة. فإنّك إنْ أدركت ذلك فهناك احتمال في أنْ ينمو الحبّ فيك كصفة طبيعية. ولكنّ النّاس يخدعون أنفسهم ويظنّون أنَّ العلاقة التي يقيمونها من أجل الملاءمة والرفاه والراحة، هي علاقة حبّ. إنّني لا أقول أنّ الطرفين لم يجرّبا الحبّ مطلقًا في هذه العلاقة، ولكن هذا الحبّ له بعض الحدود: فالمرّات التي قلت فيها "أحبّك" لا أهمية لها: الأمور تنهار إذا لم يتم الوفاء ببضعة توقّعات ومُتطلبات.

معنى الحبّ الحقيقي


 

إنّك عندما تتحدّث عن الحبّ عليك أنْ تتحدّث عن الحبّ غير المشروط. ولكن، ليس هناك في الواقع ما يُسمّى بالحبّ المشروط وبالحبّ غير المشروط، بل هناك شروط وهناك الحبّ. ففي اللّحظة الّتي يظهر الشرط، يصبح الحبّ صفقة. وربّما تكون الصفقة ملائمة للطرفين وربّما تكون بمثابة اتفاق جيّد - ربّما توصل أناس كثيرون إلى اتفاقات ممتازة في حياتهم - لكنّ ذلك لن يُشبعك، لن ينقلك ذلك إلى بُعد آخر. فهو مريح فقط.

إنّك عندما تقول"الحبّ"، فإنّ الحبّ لا يكون بالضرورة مُريحًا، فالأمر غير ذلك في معظم الأحيان .إنّه يستهلك الحياة. الحبّ ليس أمرًا عظيمًا تقوم به، لأنّه يأكلك. وإذا فُرض عليك أنْ تُحبّ. يجب أنْ لا تُحب. أنت كإنسان يجب أنْ تكون مستعدًّا للوقوع، وعندئذ فقط يحدث ذلك. وإذا احتفظت بقوة شخصيتك خلال هذه العملية، فإن العملية لن تكون إلّا لغرض الرّاحة. لا غير. علينا أنْ نفهم ماهي الصفقة وما هي حقًّا علاقة الحبّ. فعلاقة الحبّ لا ينبغي بالضرورة أنْ تكون مع أي شخص معيّن: يُمكنك أنْ تكون في علاقة حبّ عظيمة لا مع أي شخص بل مع الحياة.

ما تفعله أو ما لاتفعله هو رهن الظروف المحيطة بك. فأفعالنا تكون وفقاً لمتطلبات الظروف الخارجيّة. وما تقوم به خارج نفسك يكون دائمًا رهنَ شروط عديدة. ولكن الحبّ هو حالة داخليّة: حالتك الداخليّة هي بالتأكيد غير مشروطة.

إجعل الحبّ سِمتُك

إنك عندما تتحدث عن الحب، يجب أن يكون ذلك عن الحب غير المشروط. ليس هناك في الواقع حبّ مشروط وحبّ غير مشروط.

لو كنت الحياة، فمن الطبيعي جدًّا أنْ تحبّ. كلّ إنسان قادر على الحبّ، ولكن للأسف أعاق العديد من النّاس أنفسهم بجميع أنواع المعتقدات والآراء والفلسفات والأيديولوجيات - بكلّ الأمور، باستثناء الحياة.

الحبّ لا يستورد من الجنّة

الناس إمّا يدّعون حب الله أو يؤمنون أنّ الله يحبهم. افتراضًا أنّ الحب صبغة يجب استيرادها من الجنّة. ولكن هل يعرف أحد حقًّا ما إذا كان الله يحبّ أم لا؟ نحن ننحني لمن خلق هذا الخلق العظيم - خلقٌ يُحيّر العقل. نحن ننحني للخالق، لكننا لا نعرف ما إذا كان هو الحبّ أم الفرح أم السلام.

الحبّ هو شعور إنساني.

البشر قادرون عل أنْ يحبّوا إنْ أرادوا. الحبّ والفرح والسعادة كلّها إمكانات متاحة للبشر.

عملية بسيطة

الحب ليس شيئًا تفعله مع شخص آخر. الحب ليس مع شخصين مطلقًا. إنّه مايحدث في داخلك. وما يدور في داخلك لا يجب أنْ يُسْتَعبَد من قبل شخصٍ آخر. ل 15 إل 20 دقيقة إذهب واجلس مع شيء لا يعني لك البتّة - ربما شجرة، حصى، دودة أو حشرة. بعد بضع الوقت سترى أنّك ستنظر إليه بنفس الحبّ الذي تكنّه لزوجتك أو زوجك أو أمّك أو إبنك. ربما لا تعي الدودة ذلكز هذا لا يهم. إذا استطعت النَّظر لكلّ شيء بحبّ يصبح كلّ العالم جميلًا بعينك. سوف تتحقّق أنّ الحبّ ليس شيئًا تفعله، بل الطريقة التي تكون فيها أنت.

ملاحظة المُحرّر: لا تنسى مشاهدة قرص DVD المعنون " الحبّ: إختطاف كيميائي" حيث يستطلع منتج الأفلام المشهور شيكهار كابور وساد غورو الأبعاد المختلفة للحبّ.